في زوايا كلية الطب
كنت في حضن الطفولة أرتعُ ... يوما سألوني عن أمنياتي وماذا تريد أن تكون حين تكبر؟!
ببراءة الأطفال سطرت أحلامي وآمالي وقلت: " طبيب "
وتوالت الأيام ونضارة الآمال تنسج درب إقدامي وعزمي..
وحين آن الوقت يممت شطر البحر..
في شاطيء الصعود انتظرت كي أرقى في مركب السائرين ...
ورأيت رايات تلوح لي.. تناديني وتدعوني..
هلم قد آن الرحيل..
وحملت مجاديف عزمي وإصراري وركبت بحر العلم..
ومن بعيد رأيت أضواء مشرقة ... جزيرة فيها سلالم المجد..
هناك حيث العز والإقدام والفخر..
هناك حيث الجد والسمو والانتصار..
هناك ... مملكة الطب الأزهر.. والعلم الأنور..
( كلية الطب والعلوم الصحية )
وها أنا أسير ... أشق عباب هذا البحر.. أأمل للوصول..
-------------------------------------
ذهبنا إليهم ولما التقينا بهم سألناهم: ما رأيكم في دفعتنا؟!
فنطقت قلوبهم وهمست ضمائرهم وتألقت البسمات في محياهم.. بسمات الرضا
وسمونا بالنشاط ثم استدركوا " إلى حد الإزعاج "
أحقا نحن كذلك!!! إذن ما أروعنا!! ذلك صوت التحليق في سماوات العلم.. لنصل إلى القمة..
أنتم من ألقيتم ببذرات الهمة في تربة الحنايا فأورقت وأثمرت
وأنتم النبع يروي نبتات المعرفة المتناثرة على جانبي طريقنا نحو الشموخ
نصائحكم.. نشيد رقراق وفيض دفاق ...
الممر نحو لوحة النتائج
أسير هنا ... في هذا الطريق.. أطويل أم قصير؟؟
عمّ أبحث؟! ولماذا أنا أعدو؟! نحو ماذا؟
ثمرات عزمي وهمتي ... كيف أنا؟
عائد شامخ الرأس ... مرفوع الهامة.. بنجاحي وتفوقي.
يسيرون حثيثا هنا ... يبحثون عن قائمة الدرجات ... قلوب تترقب ... تنتظر المجهول..
ثم ترى الحقيقة ... تعود تتمتم.. تهمس ... تنادي.. أو تكتفي بالصمت ...
المكتبة الطبية
كنت هنا ... أسكب الإخلاص والعزم الكبير حتى ارتقيت..
كل ركن يشهد لي أني على جنباته دوما مشيت..
وكنت أنثر زهر آمالي هنا ... وهمتى كانت سنا..
وهنا تفجرت الصعاب بمعول الإصرار حتى رضيت ...
هنا طلبت العلم حتى أرتوي ...
ومن نقاط الحبر أكتب أمنياتي ... ثم أحفرها بقلبي حتى لا تموت..
كُتُبْ
هذي الشهود.. ألا فاسألوها عني ... ستنبيكم وتخبركم ...
ستنطق الصفحات أني زرتها يوما ... فهل كانت لي وطن؟!!
أبدا ... لقد صرت أنا الوطن..
في حضن ذاكرتي تعيش..
لا تسألوها عني ..
بل فاسألوني عنها لأخبركم أنها هنا ...
القاعة الطبية
حول هذه الجدران وبين هذه الأركان ساقت رياح العلم سحابات المعرفة ...
هنا تآلفت..
وهنا جلسنا ننتظر الغيث ...
وهنا انهمرت أمطار العلوم ...
وهنا انسكبت شهدا نديا رائعا ...
وهنا رشفنا من كؤوس العلم رحيقا عذبا ...
فانتفضت العقول وتألقت ...
ونبضت القلوب وأشرقت ...
وهنا اصطدم العزم بالصعاب فتفجرت ...
وبمعاول الإصرار تحطمت وتكسرت ...
لِمَ لا؟!!! ونحن هنا أتينا نحمل الإخلاص ننثره ورودا في الدروب..
هل تذكرون؟!!!
هل تذكرون سلالم المجد التي نصبت هنا؟!!
أوَ ما رأيتم كيف كنا في صعود؟!!
أوَ ما رأيتم كيف نسعى للخلود؟!!
وهذه الأركان نجعلها شهود.
واليوم ها نحن نعانق ذرى القمم ...
نذكي الهمم..
لا ... لم نصل ... ولكن سوف نسعى للوصول..
صورة السلطان قابوس
هذا الذي فرش الطريق لنا زهورا وشذى..
وبنى لنا صرحا كبيرا أمجدا ..
أليس يجدر أن نحث خطا المحبة كي نكون السؤددا!؟
الساعة
كم قضينا من لحظات؟ كم جلسنا من ساعات؟ هنا في هذا المنبر المنير ...
وهذه الساعة تحفظ كم بذلنا من ثواني ... من دقائق.. في سبيل الصاعدين ...
مكبر الصوت
وصوت العلم يصدح ... يهز الكون ... يخبره بأن لا سبيلا للحياة إلا بأنوار المعرفة البهية..
ولا طريقا لنهوض الأمم ... ويقظة الشعوب ... إلا بطلب العلم ...
باب المكتبة الطبية
هنا منهل العلم الغزير ... هنا منبع الطب الكبير ... من هنا ارتوينا ... ومن هنا ارتقينا ... وهنا نشفي حيرة العقل بالبحث والتقصي ...
من هذا الباب ندخل إلى مملكة الكتاب ... الذي علم الكثير قبلنا وخرج الأطباء ... ونحن على إثرهم نسير ...
من هذا الباب ... كم ولجنا وكم خرجنا ... نتردد على موائد المعرفة ... لنغذي العقول التي إن ظمأت أتينا إلى هنا نسقيها ونرويها ونرضيها ...
الممر إلى غرفة التشريح وتحت الأشجار
كم سارت بنا الخطوات هنا ...
ألا ترون هذه الأعمدة الشامخة؟!! تماما كشموخنا ...
لعلها تحكي عما بداخلنا وما تكنه صدورنا ...
لعلها تحدث من يراها أن الذين يمرون هنا هم الذين يصمدون.. ويرتقون.. تخبرهم عنا وكيف كنا ...
وهذه الأشجار السامقة أبت إلا أن تحاكي سموقنا وحفيف أوراقها يهمس للسائرين أن انتبهوا هذا موطن السمو والرقي ...
وهل تصدقون؟؟!! حتى النحل أبى إلا أن يسكن هنا ... هنا في هذا المكان ... لعله أدرك أن هذا
موطن الرحمة والعطاء والحب والحنان ... ومن هنا رشف رحيقه وهنا صنع شهده ... تماما كما نصنع الحب والحنان والرحمة والشهد للذين ينتظرونا لنسقيهم كؤوس العافية ...
وتبقى لنا الذكرى مهما طوى الزمن صفحات أيام مضت ...
فنحن لن ننهمك في المصانع وبين الآلات ولن نبني الوطن بالصناعات والإنتاجات..
فكل ميسر لما خلق له ...
لن نكون خلف الأستار ... ولن يبحثوا عنا طويلا ... فنحن هنا ...
نحن أولئك الذين يعيشون بين دموع المتأوهين وأنات الباكين ...
سنعيش بين أسرة المرضى ... نخفف الآلام ... ونداوي الأسقام ...
نرسم البسمات ... نصنع جيلا ملؤه صحة وعافية بإذن الله
لينطلق يبني الوطن ... يعمر الكون.. يقيم الحق ... ينشر الأمن ...
يشيد الإنجازات ... يسطر السعادة لبني البشر ...
سنكون هناك ... هناك ... حيث الرحمة والحنان ... والرأفة والأمان ...
سنكون هناك بمعطفنا الأبيض ... أبيض يدلنا على نقاء السحب ... طهارتها.. لنؤمن أن السحب تسكب نقاء، فنسكب من نقاء قلوبنا معاني رحمة وإحساس وشعور إنساني لهذا الذي أتانا أعياه الداء وأتعبته الآلام فلم تذق عينه طعم المنام ... ونصب من شدة المرض وكأن في قلبه تغرس السهام ... يأتي إلينا حيث يعرف أننا هنا نضمد الجراح بمراهم الحنان ونكفكف الدموع بأثواب الرحمة ... ننفس الكربات.. ونبدد الهموم والآهات ... نفجر نبع الإحساس من ذواتنا ونؤمن أن الإنسانية التي حولنا تحتاج لطبِّ شعور كوصفة علاج مع الدواء والحقن..
كلمات للوطن
عمان الحبيبة يا موطني ... يا موطن الأجداد والأمجاد ...
في ترابك الطاهر تربينا واخضرت أعوادنا وأينعت براعمنا وها نحن الأزهار والثمار ...
ها نحن نرمي ببذرات العزم والإقدام ...
يا وطني ... لك كل الوفاء والإخلاص ...
لك كل الحب والشوق ...
لك كل الجد والمجد والسؤدد ...
أشرق النور فيك حين جاء قابوس ... فبدد ظلمة الليل ... وقشع غيوم الجهل
وشمخت منارات العلم وصعدت صروح المعرفة ...
وأي صرح أعلى من هذا الصرح الكبير ... جامعة السلطان قابوس!!
وأي منبر أسمى من هذا المنبر المنير ..... كلية الطب والعلوم الصحية!!
عهدا علينا أن نشيد فيك كل البقاع ...
عهدا علينا أن نبني فيك قصور الازدهار..
من البحر نستخرج لآليء الوفاء ومن الزهر نستقي رحيق الحب ومن الجبال نحمل صخرات العزم لنسطر فيك كل معاني الفخر والافتخار ... لتعانق النجوم في علياءها وتقبل جبين الشمس عند إشراقتها وتباهي القمر في ضياءه ...
كل ذلك بعزمنا وجدنا ...
ستلبس وشاح التقدم والرقي وتسير في طريق ينثر لك فيها ورود الإجلال وتلقى فيها إليك بأغلى التحيات ... لِمَ لا؟؟؟ ألسنا نحن أبناؤك؟؟
ألسنا من ثرى الأجداد نحمل روعة الأمجاد؟!
نسطر قصة النصر ونكتب قصيدة الفخر..
وستبقى يا وطني رمز الصمود والرقي ...
وراياتك ترفرف خفاقة بعبق الطب ... وصدى الأطباء ...
هم نحن أولئك ... الذين رفعوا الرايات ... نحن الأطباء ...
سيف اولادثاني
ابريل 2008