" عِنْدَمَاْ يَنْزِل ُالَرُمَاة... تَسْقُطُ الْقُدْس "
نتغنى منذ عقود من الزمن بالنصر القريب والهزيمة الساحقة فسخرنا أشعارنا وخطبنا وأناشيدنا لتحفيز الهمم واستنهاض الضمائر حتى ليشعر السامع والرائي أن الجيوش مصطفة صفوفا طويلة منذ زمن بعيد من بحر العرب منتشرة في صحراء الربع الخالي ممتدة الى البحر الأحمر ، ومن الخليج العربي الى مضيق باب المندب وعلى محيط البحر المتوسط الى المحيط الأطلسي الى صحراء افريقيا وعلى حدود دجلة والفرات وترتوي من نهر النيل العظيم متجهة حشودا الى القدس .
ويظن السامع أن بالدعوات التي نتلوها كل صلاة جمعة على اليهود سيسخر الله عليهم ريحا صرصرا عاتية أو إعصارا يقتلعهم من أرض فلسطين ويشتت بهم أو يغرقهم في جميع محيطات العالم ويعود الأقصى حرا نزيها ينقل منه صلاة الجمعة في شاشات كل القنوات العربية .
لم يحدث ولن يحدث ذلك اذا استمر نزول الرماة من الجبل مخالفين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
لقد خالفوه مرة واحدة في غزوة أحد فحلت بهم الهزيمة وفيهم رسول الله ليعلم المسلمون أن مخالفة الله ورسوله معصية ونصر الله وتثبيته لا يأتي إلا بنصر الله ." إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم "
لقد كثر نزولنا من الجبل مخالفين الله ورسوله فمن أين سيأتي النصر !؟
نرلنا من الجبل لنترك الزكاة ويموت الفقراء على أبواب الأغنياء يطلبون كسرة خبز وخالفنا " ... وإيتاء الزكاة "
ونزلنا من الجبل لنجمع الربا بحجة ضرورات الحياة وخالفنا " .. ولا تأكلوا الربا .."
وينتشر الخمر في بلاد الإسلام وخالفنا " .. رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه .."
ونزلنا نصنع الظلم ونحكم بما لا أنزل الله وخالفنا " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "
ونزلنا رماة ضد من يشهد أن لا إله إلا الله لنخالف " ومن يقتل مؤمنا متعمدا .. "
ونزلنا نعادي ونشاتم ونكيد لإخواننا ونسينا " إنما المؤمنون إخوة .. "
ونزلنا نوالي أعداء الله لنخالف " .. لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ... "
خالفنا وخالفنا وخالفنا فالتف جيش اليهود من خلفنا وأمطرنا بوابل من الهزائم واستولى على الأقصى عندما نزلنا نجمع غنائم الدنيا وتركنا
القدس وراء ظهورنا ميممين شطر الذل .
ربيع الأول ١٤٣٩
ديسمبر ٢٠١٧