رُوحُ النَشِيْد ...
عندما تتحرك الكلمة في أعماق القلب وتجول في أرجاء النفس وترشف من رحيق الإيمان وتشرب من كأس الإخلاص ، عندها تخرج إلى الكون الفسيح كالشمس المشرقة التي تمد خيوطها الحريرية لتعانق كل ذرة فتسقيها من معين الحياة لترقص جذلاً بلذة العيش البهي ..
وإذا ما خرجت فالتقطتها حنجرة فتية وعزفتها لحناً يسري إلى خبايا الروح فإنها عندئذ تكون هي الحياة .. الحياة التي بها يحيا القلب وتصفو النفس فتتجلى مظاهر الحياة الإيمانية في سلوك قرآني ونقاء رباني .
هكذا هي الرسالة التي يحملها النشيد الإسلامي .. كلمات من نور تُغمر في بحر الإبداع فتخرج فناً إسلامياً تقلَد أروع حُلَل وانتظم مع لآلئ اللحن في أبهى جُمل ، ثم يُبعث هدية للقلوب ..
هديةٌ دعويةٌ رائعة تحث الإنسان للخير وترشده للطاعة وتقوده للتقوى حتى ينتعش بمراتب النقاء ودرجات الصفاء ويكون عندها تشبث بحبال النجاة ..
إذن النشيد ليس مجرد كلمات للتسلية يلجأ الإنسان إليه من أجل المتعة فقط أو ليروح عن نفسه بمختلف الألحان .. لا .. ليس هذا جوهر النشيد ، إنما هو إرشاد وتوجيه وموعظة وعبرة ونصح استقى روحه من آيات القرآن الكريم ومن السنة النبوية المطهرة فاصبح من أجدى وأروع الفنون الدعوية إلى الله في هذا العصر ..
وعندما تتجلجل الكلمات في نفس المنشد فيحس بمعانيها العميقة تلامس شغاف قلبه ويسمع صداها وتتسلل إليه همساتها ويستشعر الرسالة التي تحملها في جنباتها فيعيش مع روحها بكل إيمان وإخلاص فإنها تكتسب قوة إضافية وتنطلق تشق طريقها إلى النفوس وتطير في الفضاء الرحب كأنها جوهرة درية كل يريد التقاطها فتخاطب القلوب وتمتزج بالمشاعر ويرحب بها الضمير وتؤدي رسالتها وتؤتي ثمرتها فالمنشد له دور كبير في إكساب الكلمة قيمتها الحقيقية وصياغتها نشيدا عذبا رقراقا يوقظ النفوس ويحي المشاعر ويحرك الضمائر فهو الزهر الشذي والورد الندي والبلبل الصداح والعطر الفواح
يوليو 2008