بَيْنَ رُكَامِ الآهَات
عندما تشتد حلكة الآلام وتحيط بالكيان إحاطة السوار بالمعصم يظن القلب أن لا منفذ لدخول أنهار الخلاص ...
كثيرا ما تسقط النفس في حفر المعاناة وتصبح أسيرة زنزانة الحزن العميق وتضيق بها الدنيا وتزداد ظلمة الليل وتلتهب نيران الأسى ولا ترى إلا دخانا أسوداً وحلكة يأس قاتم حتى تقترب من النهاية وتكاد أن تذوي أغصان الحياة وتنضب أنفاس البقاء. هنا يتفجر الصبح بأنوار تسقي الروح من كؤوس النجاة وتنساق سحب الفرج لتساقط قطرات صفاءها على القلب فينتفض ليعيش وتعود له نضارة الحياة وتنهد جبال اليأس وتصبح كهشيم تذروه رياح الفجر المشرق ...
من قعر البحر العميق تستخرج اللآليء اللامعة ومن رحم الظلام يولد الفجر وكلما اشتد سواد الليل ازداد بريق النجوم وقد تتشقق الصخرة الصماء لتخرج منها نبتة خضراء ومن بين الأشواك الجارحة نقطف وردة جميلة. كذلك يمكن أن تطلع شمس الشفاء بخيوطها الحريرية من بين جبال المرض وهامات السقم وتتقشع غيوم المعانة وتشرق أنوار الصحة لتبدد ظلمات الألم وتتبخر دموع التعب وترسم أقلام الشفاء بسمات السعادة والهناء ...
لذا عليك أن تزرع زهرات الإصرار وترشف من رحيق التصابر وتسمح بدخول نسمات الصبر ليتنفسها القلب فيرسل عطور العزيمة إلى كل الأعضاء فيكون لها أمل بالفرج من سجن الآلام وتبحث عن منفذ منه يدخل بصيص من نور الخلاص ليوظفه جهاز المناعة فيرفع درجة حرارة التفاؤل فتذيب أعمدة زنزانة الحزن والأسى وتنهد أركانها فتتحقق النجاة ...
ديسمبر 2005